تجدد الحضور في فعل التأمل - قراءة لقصة مقعد على بحر النيل للروائية المصرية صفاء عبد المنعم
د. محمد سمير عبد السلام - مصر
تجمع القاصة والروائية المبدعة صفاء عبد المنعم بين الملامح الجمالية المميزة لفن القصة القصيرة، وبعض الثيمات الفنية التجريبية التي تتعلق باستبطان العالم الداخلي للشخصية الرئيسية، أو تخييل الانفعالات في الوعي المبدع، أو تأويل الوجود في لحظات نسبية، والانحياز لصور استقلالية المرأة وحضورها الفردي في الوعي واللاوعي، وكذلك التعزيز من أحلام اليقظة التي ترتكز على شعرية الماء ضمن التأملات الشاردة للذات الأنثوية طبقا لتعبير باشلار، وحديثه عن طاقة الأنيما الانثوية في كتابه شاعرية أحلام اليقظة؛ وتبدو هذه الثيمات واضحة في قصة صفاء عبد المنعم المعنونة ب مقعد على بحر النيل؛ وقد نشرت على موقع ذاكرة القصة القصيرة.
تقوم بنية القصة على تتبع الساردة لانفعالات الشخصية، وتطور هذه الانفعالات في لحظة الحضور؛ ومن ثم فهي ليست قصة استرجاعية للماضي – بدرجة رئيسية – وإنما هي ترصد الانفعالات المتداخلة، والتي تتناقض أحيانا بين البهجة، ورومنتيكية الاتصال بالطبيعة، والحزن، والصمت أحيانا؛ وقد نجد الساردة ترصد هذه الانفعالات الذاتية المتناقضة، دون هيمنة، وقد تقوم بتخييل هذه الانفعالات – في النهاية – بصورة سردية أدائية، أو حوارية؛ وهو ما يعكس التجريب في عرضها لتفاصيل لحظة الحضور ضمن خطابها السردي للمروي عليه.
وترصد القصة حدث التأمل من أجل الخلاص الروحي؛ وهو ما يؤكد تصور فرانك أوكنور للقصة القصيرة بوصفها نوعا من الخلاص لبعض المجموعات الخاصة التي تبحث عن حالة التفرد في كتابه الصوت المنفرد الذي ترجمه الدكتور محمود الربيعي؛ ومن ثم سنعاين ذلك البحث عن الخلاص عن طريق الإسهاب في عرض التأملات الأنثوية للبطلة، وحوارها الصامت مع المشهد الطبيعي؛ وبخاصة الأمواج، وبعض الأحاديث العابرة التي تعكس نوعا آخر من التفرد النسائي في الحياة اليومية.
ويمكننا أيضا ملاحظة المبدأ الحواري في السرد طبقا لتودوروف؛ وإن جاء هنا من داخل حوارية شعرية صامتة تبدأ وتنتهي في ذات الساردة، ولكنها أيضا تؤكد تعددية الأجيال في حرص الساردة على تسجيل خطاب الفتيات كما هو، وباللغة اليومية البسيطة نفسها التي تعكس اهتمام هذا الجيل بالتصوير، واستخدام مواقع التواصل بصورة متناقضة أحيانا.
وتتكشف لحظة التنوير في إمكانية تكرار حدثي التأمل، والعودة إلى المنزل بصورة دورية؛ لتوحي بأن حدث التأمل الداخلي يوازي إيقاع واقع الساردة ووجودها الفردي، وروحها الأنثوية.
د. محمد سمير عبد السلام – مصر
ناقد أدبي وفني
*رابط المقال على موقع صدى ذاكرة القصة المصرية:
No comments:
Post a Comment